(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) إخبار بما سوف يقولونه، ولما قالوه، قال:(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ)[النحل: ٣٥]، يعنون بكفرهم وتمردهم. أن شركهم وشرك آبائهم، وتحريمهم ما أحل الله، بمشيئة الله وإرادته. ولولا مشيئته لم يكن شيء من ذلك، كمذهب المجبرة بعينه، (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي: جاءوا بالتكذيب المطلق، لأنّ الله عزّ وجلّ ركب في العقول وأنزل في الكتب ما دل على غناه وبراءته من مشيئة القبائح وإرادتها،
ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ) جواباً لتكذيبهم، فقرر ما قالوه، وزيد عليه:(ولا يُرَدُّ بَاسُهُ عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ) أي: رحمته، وإن كانت واسعة، لكن لأهل طاعته. وهو من أسلوب القول بالموجب، كما سيجيء بيانه في سورة التوبة في قوله:(ويَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ)[التوبة: ٦١].
قوله:(وقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا): الآية في سورة "النحل"[٣٥].
قوله:(ولولا مشيئته لم يكن شيء من ذلك، كمذهب المجبرة). قال القاضي:(لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا) أي: لو شاء خلاف ذلك مشيئة ارتضاء، كقوله:(فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)