للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكان معناه: هاتوا أناساً يشهدون بتحريم ذلك، فكان الظاهر طلب شهداء بالحق، وذلك ليس بالغرض، ويناقضه قوله تعالى: (فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ).

[(قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)].

تعال: من الخاص الذي صار عاماً، وأصله أن يقوله من كان في مكانٍ عالٍ لمن هو أسفل منه ثم كثر واتسع فيه حتى عمّ. و (ما حَرَّمَ) منصوب بفعل التلاوة، أي: أتل الذي حرمه ربكم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا يقال ذلك إلا في حق من علم بطلان شهادته. وإليه الإشارة بقوله: "ويناقضه قوله تعالى: (فَإن شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) ".

قال في "الانتصاف": "وجه مناقضته: أن قوله: (هلم شهدآءكم) يفهم منه أن الطالب لذلك ليس على يقين أن ثم شهداء، كما يقول الحاكم: "هات بينةً تشهد لك" من غير أن يتحقق أن ثم بينة، ويكون قوله: "هلم شهداء يشهدون" تحقيقاً أن ثم شهداء".

وقلت: بل مثاله أن يقول الحاكم لمن يدعي أن له شهداء، وهو يعرف بأنهم شهداء زورٍ وباطل، فيقول: "هات شهداءك ليشهدوا لك" فإذا شهدوا له، ثم خرجوا، وعرف كذبهم، كان أفحم له من أن يطلب الشهداء مطلقاً. وإليه الإشارة بقوله: "ويلقمهم الحجر".

<<  <  ج: ص:  >  >>