(إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ): إلا بالخصلة التي هي أحسن ما يفعل بمال اليتيم، وهي حفظه وتثميره والمعنى: احفظوه عليه حتى يبلغ أشدّه فادفعوه إليه (بِالْقِسْطِ): بالسوية والعدل، (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها): إلا ما يسعها ولا تعجز عنه. وإنما أتبع الأمر بإيفاء الكيل والميزان ذلك، لأن مراعاة الحدّ من القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان مما يجري فيه الحرج، فأمر ببلوغ الوسع وأن ما وراءه معفوّ عنه، (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى): ولو كان المقول له أو عليه في شهادةٍ أو غيرها من أهل قرابة القائل، فما ينبغي أن يزيد في القول أو ينقص، كقوله:(وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)[النساء: ١٣٥].
وقلت: تقدير الآية: أرأيت كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية. وفائدة الاختلاف: أن المنهيات، نحو: الشرك، وقتل الأولاد، وقربان الزنا، وقتل النفس المحرمة، كانت العرب مستقرةً عليها، ولا يستنكفون منها، بل كانوا متدينين بها. وأما إحسان الوالدين، وإيفاء الكيل، والقول الصدق، والوفاء بالعهد، ونحوها فكانوا يفتخرون بالانتساب إليها، ويذكرونها في أشعارهم، فأمروا بإزالة ما كانوا فيه من الرذائل، والثبات على ما كانوا عليه من الفضائل.
قوله:(وقرئ: (وأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا) بتخفيف "أن"): ابن عامر.