للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أنّ حالهم في كراهة ما رأيت من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب. والثاني: أن ينتصب على أنه صفة مصدر الفعل المقدَّر في قوله: (الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [الأنفال: ١] أي: الأنفال استقرّت لله والرسول، وثبتت، مع كراهتهم، ثباتاً مثل ثبات إخراج ربك إياك من بيتك وهم كارهون.

و(مِنْ بَيْتِكَ) يريد بيته بالمدينة، أو المدينة نفسها، لأنها مهاجره ومسكنه، فهي في اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه (بِالْحَقِّ) أي: إخراجاً ملتبسا بالحكمة والصواب الذي لا محيد عنه (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكرهُونَ) في موضع الحال، أي: أخرجك في حال كراهتهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من لهم من نعمة الصحبة، وإن شئت فجرب ذوقك في تكرار "إذ" في التفصيل الوارد في السورة وإيراد القص من غير ترتيب، ثم في كل من تلك الإيرادات الرمز إلى المقصود، ثم في إدراج تقسيم المسؤول عنه في أثناء ذلك، يعني قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) [الأنفال: ٤١]: بيان لكيفية تصرف من وُكل إليه أمر الغنائم، فتفكر في كل ذلك تَرَ العجائب، ويتحقق لك ما ذكرت هاهنا، وما أسلفت في قصة البقرة من تقديم آخر القصة على أولها، لتقف على شمة من أسرار كلام الله تعالى المجيد، والله يقول الحق وهوي هدي السبيل.

قوله: (في كراهة ما رأيت): قيل: هو من الرأي الذي في قول الله تعالى: (بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) [النساء: ١٠٥]، لا من رؤية البصر، ولا من رؤية القلب المتعدي إلى مفعولين، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في فاتحة السورة: "من قتل قتيلاً فله سلبه"، وقول المصنف: "شرط لمن كان له بلاء في ذلك اليوم أن ينفله".

<<  <  ج: ص:  >  >>