للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيت كأنّ ملكاً نزل من السماء، فأخذ صخرة من الجبل، ثم حلق بها فلم يبق بيت من بيوت مكة إلا أصابه حجر من تلك الصخرة. فحدّث بها العباس، فقال أبو جهل: ما يرضى رجالهم أن يتنبّئوا حتى تتنبَّأ نساؤهم، فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة وهم النفير في المثل السائر: "لا في العير ولا في النفير"، فقيل له: إنّ العير أخذت طريق الساحل ونجت، فارجع بالناس إلى مكة، فقال: لا والله، لا يكون ذلك أبداً، حتى ننحر الجزور، ونشرب الخمور، ونقيم القينات والمعازف ببدر، فيتسامع جميع العرب بمخرجنا، وإن محمداً لم يصب العير، وإنا قد أعضضناه. فمضى بهم إلى بدر، وبدر: ماء كانت العرب تجتمع فيه لسوقهم يوماً في السنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (حلق بها): التحليق بالشيء: الرمي به إلى فوق.

قوله: (لا في العير ولا في النفير): قال المفضل: أول من قال ذلك أبو سفيان بن حرب حين انصرف بنو زهرة إلى مكة: يا بني زهرة، لا في العير ولا في النفير! عني بالعير: عير قريش التي أقبلت مع أبي سفيان من الشام، وبالنفير: من خرج مع عتبة بن ربيعة لاستنقاذها من أيدي المؤمنين، وكان ببدر ما كان. قال الأصمعي: يضرب للرجل يحط أمره ويصغر قدره.

الجوهري: "النفير: القوم الذين يتقدمون في أمر"، و"العير بالكسر: الإبل التي تحمل الميرة".

قوله: (أعضضناه): أي: استخففنا به وشتمناه وقلنا له: عضضت بظر أمك، والبظر: لحمة في الفرج، وهي التي تختن، وهذا من شتائم العرب. النهاية: "وفي الحديث: "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا أي: قولوا له: اعضض بأير أبيك، ولا تكنوا عن الأير بالهن، تنكيلاً له". وقول أبي جهل لعتبة يوم بدر: لو غيرك يقول هذا أعضضته، أي: شتمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>