للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يرزؤكم في أبدانكم وأحوالكم، والله عز وجلّ يريد معالي الأمور، وما يرجع إلى عمارة الدين، ونصرة الحق، وعلوّ الكلمة، والفوز في الدارين، وشتان ما بين المرادين، ولذلك اختار لكم الطائفة ذات الشوكة، وكسر قوّتهم بضعفكم، وغلب كثرتهم بقلتكم، وأعزّكم وأذلهم، وحصل لكم مالا تعارض أدناه العير وما فيها. وقرئ: "بكلمته"، على التوحيد.

[(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) ٨]

فإن قلت: بم يتعلق قوله لِيُحِقَّ الْحَقَّ؟ قلت: بمحذوف تقديره: ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ذلك، ما فعله إلا لهما، وهو إثبات الإسلام وإظهاره، وإبطال الكفر ومحقه. فإن قلت: أليس هذا تكريراً؟ قلت: لا، لأنّ المعنيين متباينان،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث: "إن الله يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها"، ومن ثم ذكر في المقابل: "والله تعالى يريد معالي الأمور".

قوله: (يرزؤكم): أي: ينقصكم، والرزء: المصيبة.

قوله: (أليس هذا تكريراً؟ ): يعني: أليس قوله: (لِيُحِقَّ الْحَقَّ) بعد قوله: (وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ)، مثل قولك: أردت أن أكرم زيداً لإكرامه؟

وتلخيص الجواب: أنه ليس نظيراً لذلك، بل هو نظير قولك: أردت أن تفعل الباطل، وأردت أن أفعل الحق، ففعلت ما أردته لكذا، لا لمقتضى إرادتك، ولهذا قال: "وجب أن يُقدر المحذوف متأخراً حتى يفيد معنى الاختصاص"، لأن المقام يقتضي نفي إرادة القوم وإثبات

<<  <  ج: ص:  >  >>