[(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ظاهره إثبات الموالاة بينهم كقوله تعالى في المسلمين: (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)[الأنفال: ٧٢]، ومعناه: نهى المسلمين عن موالاة الذين كفروا وموارثتهم، وإيجاب مباعدتهم ومصارمتهم، وإن كانوا أقارب، وأن يتركوا يتوارثون بعضهم بعضا.
ثم قال:(إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أي: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من تواصل المسلمين وتولى بعضهم بعضاً، حتى في التوارث، تفضيلا لنسبة الإسلام على نسبة القرابة، ولم تقطعوا العلائق بينكم وبين الكفار، ولم تجعلوا قرابتهم كلا قرابة تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة، لأنّ المسلمين ما لم يصيروا يداً واحدة على الشرك، كان الشرك ظاهراً والفساد زائداً.
قوله:(أي: إن لا تفعلوا ما أمرتكم به): يريد أن الضمير في (تَفْعَلُوهُ) بمنزلة اسم الإشارة الذي يُشار به إلى جميع ما ذُكر، والمذكور: قيل: ما دل على الأمر والنهي، لأن معنى (أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) الأمر بتواصل المسلمين، وقوله:(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) نهيٌ عن تواصل الكافرين، ومن ثم قال:"ومعناه نهيُ المسمين"، ولذلك صح أن يجمعهما قوله:(إِلاَّ تَفْعَلُوهُ) أي: إن لم تمتثلوا ما أمرتم به، ولم تنتهوا عما نُهيتم عنه.
قوله:(بدا واحدة): عبارة عن الاتفاق والتعاضد. النهاية:"في الحديث: "اجعل الفُساق يداً يداً": أي: فرق بينهم، ومنه قولهم: تفرقوا أيادي سبأ، أي: تفرقوا في البلاد أشتاتاً".