للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) لأنهم صدقوا إيمانهم وحققوه، بتحصيل مقتضياته من هجرة الوطن ومفارقة الأهل والانسلاخ من المال لأجل الدين، وليس بتكرار لأن هذه الآية واردة للثناء عليهم، والشهادة لهم مع الموعد الكريم، والأولى للأمر بالتواصل.

(وَالَّذِينَ ءامَنُوا مِنْ بَعْدُ) يريد اللاحقين بعد السابقين إلى الهجرة، كقوله: (وَالَّذِينَ جآءُو مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) [الحشر: ١٠]، ألحقهم بهم، وجعلهم منهم، تفضلا منه وترغيباً

(وَأُولُوا الْأَرْحامِ): أولو القرابات أو أولى بالتوارث، وهو نسخ للتوارث بالهجرة والنصرة (فِي كِتاب اللَّهِ) تعالى: في حكمه وقسمته. وقيل في اللوح. وقيل في القرآن، وهو آية المواريث، وقد استدل به أصحاب أبى حنيفة على توريث ذوى الأرحام.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الأنفال وبراءة، فأنا شفيع له يوم القيامة، وشاهد أنه بريء من النفاق وأعطى عشر حسنات بعدد كل منافق ومنافقة، وكان العرش وحملته يستغفرون له أيام حياته في الدنيا".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وليس بتكرار): يعني: قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا) إلى قوله: (وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا) إنما جيء به أولاً وعُقب بقوله: (أُوْلَئِكَ)، ليؤذن بأنهم السابقون في الدين الفائزون بالقدح المعلى فيه، فلا يُشق غبارهم، فهم لذلك أجرياء بأن يكونوا إخواناً، وأن لا يؤثر بعضهم نفسه بالمزايا الدنيوية على أخيه، وأعيد ثانياً ليعلق به ما لهم عند الله من المراتب السنية، والفوز بالرضوان والمقامات العلية، فجمع خير الدارين بتينك الخلتين.

وأنت إذا تأملت هذه الخاتمة، حققت النظر في الفاتحة، عند قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال: ١]، عرفت إيجاب رعاية النظم في المبدأ والوسط والمنتهى. والله أعلم بالصواب.

* * *

تمت السورة

<<  <  ج: ص:  >  >>