فإن قلت: هلا صدرت بآية التسمية، كما في سائر السور؟ قلت: سأل عن ذلك ابن عباس عثمان رضي الله عنهما، فقال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه السورة أو الآية قال: "اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا "، وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أين نضعها، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فلذلك قرنت بينهما، وكانتا تدعيان القرينتين، ........
قوله:(سأل عن ذلك ابن عباس عثمان رضي الله عنهما)، الحديث: اعلم أن جوابه غير مطابق للسؤال؛ سأل عن بيان عدم تصدير السورة بالبسملة، وأجاب عن موقع السورة مع أختها، ويمكن أن يُقال: إن السؤال كان عن شيئين، فاختصر في السؤال على أحدهما، وفي الجواب على الآخر، يدل عليه ما روى أحمد بن حنبل في "مسنده"، والترمذي وأبو داود في "سننهما"، عن ابن عباس قال: قلت لعُثمان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المثين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ ووضعتموها في السبع الطوال؟ قال عثمان رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب، يقول:"ضعوا هذه الآيات في السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا"، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يُبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب سطر (بسم الله الرحمن الرحيم)، ووضعتها في السبع الطوال.
قلت: في الحديث دليل ظاهر على بيان ترتيب الآي والسور.