فإن قلت، عطفُ قوله:(وَأَنْ أَقِمْ) على (أَنْ أَكُونَ)[يونس: ١٠٤] فيه إشكال، لأنّ "أن" لا تخلو من أن تكون التي للعبارة، أو التي تكون مع الفعل في تأويل المصدر، فلا يصح أن تكون للعبارة، وإن كان الأمر مما يتضمن معنى القول، لأنّ عطفها على الموصولة يأبى ذلك، والقول بكونها موصولة مثل الأولى، لا يساعد عليه لفظ الأمر، وهو (أَقِمْ)، لأنّ الصلة حقها أن تكون جملة تحتمل الصدق والكذب؟
قوله:(لأن عطفها على الموصولة يأبى ذلك): والموصولة لفظة "أن" في قوله: (أَنْ أَكُونَ)[يونس: ١٠٤]؛ لأنها متصلة بالفعل مفيدة معها معنى المصدر، والموصولة- كما قيل - على ثلاثة اضرب: ضرب اتفق على اسميته، وهو "الذي" وأخواتهان وضرب اتفق على حرفيته، وهو "أنَّ" و"أنْ" و"كي"، وضرب اختلف فيه، وهو "ما" المصدرية، والألف واللام، فمن أوجب عود الضمي رعليها جعلها اسماً، وإلا فلا.
قوله:(يأبى ذلك): لأن من شرط "أنْ" المفسرة: ان لا يتصل بها شيء منصلة الفعل الذي تفسره، غذ لو اتصل ذلك بها صار في جملة ذلك الفعل، ولم يكن تفسيراً له، قاله في "الإقليد"، فإذا عطفتها على الموصولة اتصلت بها، لأن المطعوف في حكم المعطوف عليه، فيقتضي الاتصال، والذي يدل على أن الأولى موصولة: أنها عملت في (أَكُونَ)، والمفسرة لا تنصب.
قال صاحب "الفرائد": يمكن أن يُقال: (وَأَنْ أَقِمْ) لم يكن عطفاً على (أَكُونَ)، بل المعطوف مقدر، وهو "أوحى إلي" أو "نوديت"، فتكون "أنْ" للعبارة.
وقلت: هذا سائغ من حيث الإعراب، لكن في ذلك العطف فائدة معنوية، وهو أن قوله:(وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ) مع التي تليها من الآيات، كالتفسير لقوله:(أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ)، على