للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: قد سوّغ سيبويه أن توصل "أن" بالأمر والنهى، وشبه ذلك بقولهم: أنت الذي تفعل، على الخطاب، لأنّ الغرض وصلها بما تكون معه في معنى المصدر. والأمر والنهى دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال.

(وأن أَقِمْ وَجْهَكَ): استقم إليه ولا تلتفت يميناً ولا شمالا. و (حَنِيفاً) حال من "الدين"، أو من "الوجه".

[(وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) ١٠٦].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسلوب: "أعجبني زيدٌ وكرمه"، داخل معها في حكم المأمور به، فلو قُدر ذلك فات غرض التفسير، وتكون الجملة مستقلة معطوفة على مثلها.

قوله: (أنت الذي تفعل، على الخطاب): والأصل أن يقال: أنت الذي يفعل، على الغيبة؛ نظراً إلى لفظ "الذي"، فلما كان "الذي" وقع خبراً لـ "أنت"، ومعناه معناه، قيل على الخطاب، ووجه الشبه هو أنه لما كان "الذي" يقتضي أن يكون صلتها جملة مشتملة على ضمير راجع إليها، واقتضى أن يكون للغائب، فبالنظر إلى المعنى جاز الخطاب، كذلك جاز أن ينظروا إلى المعنى ويدخلوا "أنْ" المصدرية على الأمر والنهي، لأن الغرض أن يكون ماب عدها في تأويل المصدر، وقد حصل الغرض، سواء كان الفعل إخبارياً أو إنشائياً، بخلافه في الموصول الاسمي، فنه يجب أن تكون صلته جملة خبرية؛ لأن وضعه على جعل الجملة معرفة، ليصح وصف المعرفة بها، ولا تكون الصفة إلا خبرية، وأما الموصول الحرفي فليس كذلك، فصح أن تقع صلته خبرية وطلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>