(فَإِنْ فَعَلْتَ) معناه: فإن دعوت من دون الله مالا ينفعك ولا يضرّك، فكنى عنه بالفعل إيجازاً (فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ): (إذاً) جزاء للشرط وجواب لسؤال مقدّر، كأنّ سائلا سأل عن تبعة عبادة الأوثان. وجعل من الظالمين، لأنه لا ظلم أعظم من الشرك، (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: ١٣].
قوله:(فكنى عنه بالفعل إيجازاً): يعني: قد يجاء بلفظ "فعل" بعد تقدم أفعال شتى وكيفيات متعددة، فيعبر به عنها كلها إيجازاً، كما يشار باسم الإشارة إلى كلام طويل اختصاراً، نحوه قوله تعالى:(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)[البقرة: ٢٤]، أي: فإن لم تأتوا بسورة من مثله، ولم تأتوا بشهدائكم من دون الله.
قوله:((إذاً) جزاء للشرط، وجواب السؤال مقدر): قال ابن الحاجب: "لسنا نعني بالجواب جواب متكلم بالتحقيق، بل قد يكون جواباً لمتكلم، وقد يكون جواباً لتقدير ثبوت أمر، فمثال الأول: يقول الرجل: أنا آتيك، فتقول: إذن أكرمك، فأجبته بهذا الكلام، وصيرت إكرامك جزاء على إتيانه، ومثال الثاني: قولك: لو أكرمتني إذن أكرمك، وأشباهه، في تقدير جواب متكلم سأل: ماذا يكون مرتبطاً بالإكرام؟ فأجابه: بارتباط إكرامه به.
وأما معنى الجزاء فيها فواضح، قال الزجاج تأويلها: إن كان الأمر كما ذكرت فني أكرمك؛ تنبيهاً على أن فيها معنى الجزاء، حتى يصح تقديره مصرحاً به".