للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَإِنْ فَعَلْتَ) معناه: فإن دعوت من دون الله مالا ينفعك ولا يضرّك، فكنى عنه بالفعل إيجازاً (فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ): (إذاً) جزاء للشرط وجواب لسؤال مقدّر، كأنّ سائلا سأل عن تبعة عبادة الأوثان. وجعل من الظالمين، لأنه لا ظلم أعظم من الشرك، (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: ١٣].

[(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) ١٠٧ - ١٠٨].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فكنى عنه بالفعل إيجازاً): يعني: قد يجاء بلفظ "فعل" بعد تقدم أفعال شتى وكيفيات متعددة، فيعبر به عنها كلها إيجازاً، كما يشار باسم الإشارة إلى كلام طويل اختصاراً، نحوه قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) [البقرة: ٢٤]، أي: فإن لم تأتوا بسورة من مثله، ولم تأتوا بشهدائكم من دون الله.

قوله: ((إذاً) جزاء للشرط، وجواب السؤال مقدر): قال ابن الحاجب: "لسنا نعني بالجواب جواب متكلم بالتحقيق، بل قد يكون جواباً لمتكلم، وقد يكون جواباً لتقدير ثبوت أمر، فمثال الأول: يقول الرجل: أنا آتيك، فتقول: إذن أكرمك، فأجبته بهذا الكلام، وصيرت إكرامك جزاء على إتيانه، ومثال الثاني: قولك: لو أكرمتني إذن أكرمك، وأشباهه، في تقدير جواب متكلم سأل: ماذا يكون مرتبطاً بالإكرام؟ فأجابه: بارتباط إكرامه به.

وأما معنى الجزاء فيها فواضح، قال الزجاج تأويلها: إن كان الأمر كما ذكرت فني أكرمك؛ تنبيهاً على أن فيها معنى الجزاء، حتى يصح تقديره مصرحاً به".

<<  <  ج: ص:  >  >>