للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتبع النهي عن عبادة الأوثان ووصفها بأنها لا تنفع ولا تضر، أنّ الله عزّ وجلّ هو الضارّ النافع، الذي إن أصابك بضرّ لم يقدر على كشفه إلا هو وحده دون كل أحد، فكيف بالجماد الذي لا شعور به؟ وكذلك إن أرادك بخير لم يردّ أحد ما يريده بك من فضله وإحسانه، فكيف بالأوثان؟ فهو الحقيق إذن بأن توجه إليه العبادة دونها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أتبع النهي عن عبادة الأثان): مفعول "أتبع": أن الله هو الضار النافع"، يريد: أن قوله: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ) الآية، متصل بما قبله، معطوف على قوله: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآية: (يونس: ١٠٦]، على تأويل الإخباري بالإنشائي، وهما جميعاً متفرعان على قوله: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) [يونس: ١٠٥]، أي: كن مائلاً عن سوى دين الله موحداً غير مشرك.

ثم أكد ذلك بأن نهاه بقوله: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ)، وأمره بأن يدعو من يضره وينفعه بقوله: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ)، أي: وادع من أن يمسسك بضر فلا كاشف له إلا هو، وصور هاهنا حالتي النفع والضر، وخالف بين القرينتين؛ لأن المقام يقتضي الترغيب والتنفير، كقوله تعالى: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) [يونس: ١٠٥]، فالمناسب ذكر المس مع الضر، والإرادة مع الخير، من غير تأويل، يعني: إذا أوقعك في الضراء لا يكشفها إلا هو، إذ لا ملجأ إلا إليه، فلا تكونن من المشركين، وإذا أراد بك الخير فلا يقدر أحد أن يرد ذلك، فلا مرجو إلا هو، فأقم وجهك لدينه، واعبده مخلصاً، يعني: إذا اراد الله أن يتفضل على احد بمحض فضله، لا يقدر أحد رد فضله، سبحانه وتعالى.

ثم علل ذلك بأنه فعال لما يشاء، وليس لأحد أن يمنعه مما أراد؛ حيث قال: (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>