للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو أبلغ من قوله: (إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ، أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) [الزمر: ٣٨].

فان قلت: لم ذكر المس في أحدهما، والإرادة في الثاني؟ قلت: كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً -الإرادة والإصابة- في كل واحد من الضرّ والخير، وأنه لا رادّ لما يريده منهما، ولا مزيل لما يصيب به منهما،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي تخصيص الضر بالمس، والخير بالإرادة: الإشارة إلى أن الإنسان في الضراء أخضع وأخبت، وإلى كشفها أدعى وأميل، وأن المطلوب اللياذ إليه، وأنه في الرخاء إلى مزيد الخير ورجاء الفضل أحرص وأقبل، والمقصود الركون إليه.

أما مقصود المصنف من إيراده: فهو أن الكلام مطلوب فيه التوكيد، فذكر في كل من الفقرتين المتقابلتين ما يدل على إرادة مثله فيما يقابله، وحذف اختصاراً. وهذا ليس بمرضي من مثله؛ لأن فائدة العدول ليس الاختصار ولا التأكيد.

وقال القاضي: "ولعله تعالى ذكر الإرادة في الخير، والمس في الضر، مع تلازم الأمرين، للتنبيه على أن الخير مراد بالذات، وأن الضر إنما مسهم لا بالقصد الأول، ووضع "الفضل" موضع الضمير؛ للدلالة على أنه تعالى متفضل بما يريد بهم من الخير، لا بالاستحقاق عليه، ولم يستثن؛ لأن مراد الله لا يمكن رده".

قوله: (وهو أبلغ من قوله: (إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ) [الزمر: ٣٨]: قال صاحب "التقريب": وهو أبلغ؛ لعموم النفي ولتصريحه هاهنا، وتخصيص النفي بالأصنام والتجوزعن النفي بالاستفهام".

<<  <  ج: ص:  >  >>