للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأوجز الكلام بأن ذكر المسّ - وهو الإصابة - في أحدهما، والإرادة في الآخر، ليدلّ بما ذكر على ما ترك، على أنه قد ذكر الإصابة بالخير في قوله (يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ)، والمراد بالمشيئة: مشيئة المصلحة.

(قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ) فلم يبق لكم عذر، ولا على الله حجة، فمن اختار الهدى وإتباع الحق فما نفع باختياره إلا نفسه، ومن آثر الضلال فما ضرّ إلا نفسه، واللام و"على": دلا على معنى النفع والضر، ووكل إليهم الأمر بعد إبانة الحق وإزاحة العلل، وفيه حث على إيثار الهدى واطراح الضلال مع ذلك.

(وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ): بحفيظ موكول إلىّ أمركم وحملكم على ما أريد، إنما أنا بشير ونذير.

[(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ١٠٩].

(وَاصْبِرْ) على دعوتهم واحتمال أذاهم وإعراضهم، (حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ) لك بالنصر عليهم والغلبة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقلت: أما التجوز عن النفي بالاستفهام: فهو أبلغ لما فيه من إعطائه معنى النفي مع الاستبعاد من أن تكون ممسكات ألبتة، لكن المبالغة هاهنا لإفادة الحصر الحقيقي بـ"لا" و"إلا"، وبالجهات التي أوردناها.

قوله: (والمراد بالمشيئة: مشيئة المصلحة): قيدها نظراً إلى معتقده، وإلا فهو سبحانه وتعالى فاعل لما يشاء.

قوله: (مع ذلك): المشار إليه: قوله: "وكل إليهم" إلى آخره، أي: سيقت الآية لبيان توكيل الأمر بعد إبانة الحق وإزاحة العلل، وأدمج فيه معنى حب إيثار الهدى واطراح الضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>