فإن قلت: فالكلام واقع فيه وفي رهطه وأنهم الأعزة عليهم دونه، فكيف صح قوله (أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ)؟ قلت: تهاونهم به - وهو نبيّ الله - تهاون بالله، فحين عز عليهم رهطه دونه كان رهطه أعز عليهم من الله. ألا ترى إلى قوله تعالى (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ)[النساء: ٨٠].
بل الاعتراض ليس بشيء، لأن قوله:(وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) تقرير لقوله: (وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ) على الطرد والعكس؛ عناداً منهم، فلابد من اعتبار دلالتي المنطوق والمفهوم في كل من اللفظين، واستقلاله فيهما.
قوله: (ولو قيل: "وما عززت علينا"، لم يصح الجواب): لأن الكلام حينئذ في عزته فقط، فالجواب المطابق: لِمَ لم أكن عزيزاً بما شرفني الله برسالته، أهديكم على سبيل الرشاد، وأخلصكم من ورطة الضلالات، فإذن لا مدخل للقوم فيه، ولا وجه لقوله:(أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ)، بخلاف التقديم.
قوله:(فالكلام واقع فيه وفي رهطه): الفاء فيه دل على تفريع السؤال على الأول، وفي "فكيف" على الإنكار، يعني: أن القوم نفوا العزة عنه رأساً، وأثبتوها لرهطه، فلم ذكر "الله" عز وجل، وأتى بـ "أفعل" الذي يقتضي الشركة في العزة المنفية؟ وأجاب بما ينبئ عن أن له نسبة إلى الله بكونه نبيه ومبعوثاً من عنده، وله أيضاً قرابة ورحم بالقوم، فتهاونهم لأجل أنه نبي الله، ومراعاته لأجل القوم: يقتضي أن يكون الرهط أعز من الله، تقرير آخر.
وكان من حق الظاهر أن يجيب عليه السلام عنهم:"أرهطي عزيز دوني"، لكن أراد: إنكم