للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) ونسيتموه وجعلتموه كالشئ المنبوذ وراء الظهر لا يعبأ به، و"الظهريّ": منسوب إلى الظهر والكسر من تغييرات النسب. ونظيره قولهم في النسبة إلى "أمس": "إمسيّ" (بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) قد أحاط بأعمالكم علماً، فلا يخفى عليه شيء منها.

(عَلى مَكانَتِكُمْ) لا تخلو المكانة من أن تكون بمعنى المكان، يقال: مكان ومكانة، ومقام ومقامة. أو تكون مصدراً من مكن مكانة فهو مكين. والمعنى: اعملوا قارّين على جهتكم التي أنتم عليها من الشرك والشنآن لي، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

راعيتم نسبة قرابتي إلى الرهط، وضيعتم نسبتي إلى الله سبحانه وتعالى بالنبوة، فكأنكم زعمتم أن القوم أعز من الله، فكما أن القوم بالغوا في المكافحة، حيث كرروا نفي العزة عنه، وإثباتها لهم، بالغ نبي الله في الرد عليهم، وأظهر مدح نفسه ومكانته من الله عز وجل، نظيره قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب: ٥٧]، أي: يؤذون رسول الله، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله تعالى بمنزلة ومكانة جعل أذاهُ أذاه.

وقوله: (إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) تهديد عظيم، ومن ثم قال: "قد أحاط بأعمالكم علماً"، أي: يجازيكم لأجل استهانة نبيه المستلزم لاستهانته، وقوله: (وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً) اعتراض على نحو قوله تعالى: (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) [النساء: ١٢٥]، قال المصنف: "لو جعلتها معطوفة على ما قبلها لم يكن لها معنى"، وفائدته: تأكيد التهاون بالله، وأنهم قوم عادتهم أن لا يعبؤوا بالله، ويجعلوه كالشيء المنبوذ، وهذا من ذاك القبيل.

قوله: (اعملوا قارين على جهتكم): هذا على أن تكون "المكانة" من المكان، فيجوز أن يكون تمثيلاً وأن يكون كناية، كقولهم: فلان يتحرك من مكانه، أي: مما نشأ فيه من سجيته

<<  <  ج: ص:  >  >>