للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا لأنه قسيم له، بل لأنهم لما أوعدوه وكذبوه قال: سوف تعلمون من المعذب والكاذب مني ومنكم".

الانتصاف: "الظاهر أن الكلامين جميعاً للكفار، فقوله: (مَنْ يَاتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ) فيه ذكر جزائهم، (وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ) ذكر جرمهم الذي هو الكذب، وهو من عطف الصفة، والموصوف واحد، كقولك: وستعلم من يهان ومن يعاقب، فيكون ذكر كذبهم تعريضاً بصدقه، وهو في بعض الأحيان أوقع من التصريح، ولذلك لم يذكر عاقبة شعيب استغناء عنها بذكر عاقبتهم، وفي أول السورة: (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَاتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [هود: ٣٩]، ولم يذكر القسم الآخر، وفي الأنعام: (مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ) [الأنعام: ١٣٥]، فذكر عاقبة الخير وحدها، لأن "العاقبة" إذا أطلقت فهي للخير، كقوله تعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: ١٢٨، والقصص: ٨٣] "، ولأن اللام في (لَهُ) تدل على أنها ليست عليه، بل له.

وقلت: ليس وزان هذه الآية وزان قوله: (مَنْ يَاتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) [هود: ٣٩]، لأن السابق- وهو قوله: (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ) -، واللاحق- (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) - مشتملان على ذكر المحق والمبطل، كأنه قيل: اعملوا على عداوتي، إني عامل في عداوتكم، فسوف تعلمون عاقبة عملي وعاقبة عملكم، وانتظروا أنتم العاقبة، إني منتظر معكم. ومن ثم كرر لفظة "من"، ولو أريد ما قالاه لقيل: فسوف تعلمون من كذب وجوزي به، بخلافه هناك، فإنه عطف الصلة على الصلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>