(وَارْتَقِبُوا) وانتظروا العاقبة وما أقول لكم (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) أي: منتظر. والرقيب بمعنى الراقب، من رقبه، كالضريب والصريم بمعنى الضارب والصارم. أو بمعنى المراقب، كالعشير والنديم. أو بمعنى المرتقب، كالفقير والرفيع بمعنى المفتقر والمرتفع.
فإن قلت: قد ذكر عملهم على مكانتهم وعمله على مكانته، ثم أتبعه ذكر عاقبة العاملين منه ومنهم،
فكان القياس أن يقول: من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو صادق، حتى ينصرف من يأتيه عذاب يخزيه إلى الجاحدين، ومن هو صادق إلى النبي المبعوث إليهم. قلت: القياس ما ذكرت، ولكنهم لما كانوا يدعونه كاذباً قال (وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) يعني في زعمكم ودعواكم، تجهيلاً لهم.
قوله:(وما أقول لكم): عطف تفسيري على قوله: "العاقبة"، وما قال هو قوله:(مَنْ يَاتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ).
قوله:(قد ذكر عملهم على مكانتهم، وعمله على مانته، ثم أتبعه ذكر عاقبة العاملين منه ومنهم): يعني: قوله: (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ) اشتمل على عمل الصادق والكاذب؛ منه ومنهم، فلم يذكر في قوله:(مَنْ يَاتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ) الآية، إلا الكاذب منهم، والآية بيان لذكر عاقبة العاملين من الفريقين، فما وجه ذلك؟
وأجاب: أن المراد من قوله: (وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ): الصادق، لكن جرى "الكاذب" على مرون ألسنتهم تجهيلاً لهم. قال القاضي: " (وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ) عطف على (مَنْ يَأتِيهِ)،