(لَآيَةً لِمَنْ خافَ) لعبرةً له، لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا، وما هو إلا أنموذج مما أعدّ لهم في الآخرة، فإذا رأي: عظمه وشدّته اعتبر به عظم العذاب الموعود، فيكون له عبرة وعظة ولطفاً في زيادة التقوى والخشية من الله تعالى. ونحوه (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى)[النازعات: ٢٦].
(ذلِكَ) إشارة إلى يوم القيامة، لأنّ (عذاب الآخرة) دلّ عليه، و (النَّاسُ) رفع باسم المفعول الذي هو (مجموع) كما يرفع بفعله إذا قلت يجمع له الناس. فإن قلت: لأي: فائدة أوثر اسم المفعول على فعله؟ قلت: لما في اسم المفعول من دلالة على ثبات معنى الجمع لليوم وأنه يوم لا بدّ من أن يكون ميعاداً مضروباً لجمع الناس له، وأنه الموصوف بذلك صفة لازمة، وهو أثبت أيضاً لإسناد "الجمع" إلى "الناس"، .......
قوله:((لآيَةً لِمَنْ خَافَ) لعبرة له): قال القاضي: " (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً) لمن ينزجر بها عن موجباتها، لعلمه بأنها من إله مختار، يعذب من يشاء، ويرحم من يشاء، فإن من أنكر الآخرة وأحال فناء هذا العالم: لم يقل بالفاعل المختار، وجعل تلك الوقائع لأسباب فلكية اتفقت في تلك الأيام، لا لذنوب المهلكين بها".
قوله: (وهو أثبت أيضاً لإسناد "الجمع" إلى "الناس"): أي: في وصف "اليوم" باسم المفعول، وإسناده إلى "الناس": الدلالة على أن اليوم موصوف بذلك الوصف وصفاً لازماً، وأن الناس لا ينفكون عن الجمع، لأن كلا الأسلوبين مجرى على غير الظاهر للمبالغة،