وأنهم لا ينفكون منه، ونظيره قول المتهدد:"إنك لمنهوب مالك محروب قومك"، فيه من تمكن الوصف وثباته ما ليس في الفعل، وإن شئت فوازن بينه وبين قوله (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)[التغابن: ٩]، تعثر على صحة ما قلت لك. ومعنى يجمعون له: يجمعون لما فيه من الحساب والثواب والعقاب.
(يَوْمٌ مَشْهُودٌ) مشهود فيه، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به، كقوله:
ومقتضى الظاهر أن يقال:"ذلك يوم يجمع له الناس"؛ فإن الفعل مترقب، والناس غير مجموعين الآن، ولهذا وازن بينه وبين قوله:(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ)[التغابن: ٩]، واللام في (لَّهُ) كاللام في (لِيَوْمِ الْجَمْعِ)؛ بمعنى: لأجل، يدل عليه قوله:"يجمعون لما فيه من الحساب والثواب والعقاب"، لأن "اليوم" لا يصح أن يكون علة لنفسه، بل لما فيه من الحساب والجزاء.
قوله:(محروب)، الجوهري:"وقد حرب ماله؛ أي: سلب، وهو محروب وحريب".
قوله:(فاتسع في الظرف): أي: في حذف الجار، يعني: كان من حقه أن يؤتى بما يسند إليه، لكن حذف وجعل كالمفعول به، نحو: زيد مضروب.
الانتصاف:"حذف مفعول "المشهود" تفخيماً، كقوله تعالى:(وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ)[هود: ١٠٩] ". الإنصاف:"وفيه دليل على أن اسم المفعول من الفعل المتعدي بحرف الجر: يجوز أن يجرد عنه، ومنه قوله تعالى:(إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً)[الإسراء: ٣٤] على قول، وقد أخذ على بعض المصنفين قوله: المنطوق والمفهوم، قالوا: يجب أن يقال: المنطوق به، وهذا يدل على جواز ذلك، وإن لم يكن المشهود من هذا الباب".