للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل عليه قوله: (عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ)، ومعنى قوله في مقابلته: (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ): أنه يفعل بأهل النار ما يريد من العذاب، كما يعطى أهل الجنة عطاءه الذي لا انقطاع له، فتأمّله فإنّ القرآن يفسر بعضه بعضاً.

ولا يخدعنك عنه قول المجبرة: إنّ المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار بالشفاعة، فإنّ الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم. وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روى لهم بعض النوابت عن عبد الله بن عمرو بن العاص: "ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد، وذلك بعد ما يلبثون فيها أحقاباً"، وقد بلغني أن من الضلال من اغترّ بهذا الحديث، فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والدليل عليه): أي: على أن الاستثناء في الخلود من عذاب النار، ومن الخلود في نعيم الجنة، لا الانقطاع من العقاب والثواب مطلقاً، لأن قوله: (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) يدل على أن لا انقطاع للثواب، فكذلك ينبغي أن يراد من قوله: (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ)، لأنه مقابله، وهو مذهبه، وسيجيء بطلانه.

قوله: (النوابت)، الجوهري: "النوابت من الأحداث: الأغمار"، وقيل: النابتة: قوم من الحشوية لا رأي لهم.

قوله: (الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم): قلت: كلا، بل كل من الاستثنائين في عويل وضجيج بتأويلك؛ أما الأول: فلأن اسم النار غلبت لدار العقاب، لقوله تعالى: (فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) [آل عمران: ١٩١ - ١٩٢]، ولو لم يكن اسم النار مشتملاً على أنواع العذاب، كالنار والمهل والضريع والسلاسل والزمهرير، لكان طلب الوقاية عنها مطلقاً لا يغني عن المذكورات، ولأن من إطلاق اسم النار في عرف الشرع لا

<<  <  ج: ص:  >  >>