الخلود واجب للكفار وجب أن يقال: الذين زال حكم الخلود عنهم هم الفساق من أهل الصلاة".
وتبعه القاضي حيث قال: " (إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ) استثناء من الخلود في النار، لأن بعضهم- وهم فساق الموحدين- يخرجون منها، وذلك كاف في صحة الاستثناء، لأن زوال الحكم عن الكل يكفيه زواله عن البعض، وهم المراد بالاستثناء الثاني، فإنهم مفارقون عن الجنة أيام عذابهم؛ فإن التأبيد من مبدأ معين ينتقض باعتبار الابتداء، كما ينتقض باعتبار الانتهاء، وهؤلاء وإن شقوا بعصيانهم، فقد سعدوا بإيمانهم. لا يقال: فعلى هذا لم يكن قوله: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) تقسيماً صحيحاً؛ لأن من شرطه أن تكون صفة كل قسم منتفية عن قسيمه، لأن ذلك الشرط حيث التقسيم لانفصال حقيقي أو مانع من الجمع، وها هنا المراد أن أهل الموقف لا يخرجون عن القسمين، وأن حالهم لا يخلو عن السعادة والشقاوة، وذلك لا يمنع اجتماع الأمرين في شخص باعتبارين".
وقال الزجاج والسجاوندي: "ما" بمعنى: "من"، لأن المراد العدد لا الشخص- كقوله تعالى:(فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ)[النساء: ٣]-، و"إلا" بمعنى "سوى"، كقولك: علي ألفان إلا الألف الذي كان، يعني: سوى، أي: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الزيادة التي لا آخر لها على مدة بقاء السماوات والأرض.
وقلت: الحق الذي لا محيد عنه: أن تحمل "ما" على معنى: "من"؛ لإرادة الوصفية، وهي