للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما قصّ قصص عبدة الأوثان، وذكر ما أحلّ بهم من نقمه، وما أعدّ لهم من عذابه قال: (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) أي: فلا تشك بعد ما أنزل عليك من هذه القصص في سوء عاقبة عبادتهم وتعرّضهم بها لما أصاب أمثالهم قبلهم تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدة بالانتقام منهم ووعيداً لهم ثم قال: (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ) يريد: أن حالهم في الشرك مثل حال آبائهم من غير تفاوت بين الحالين، وقد بلغك ما نزل بآبائهم فسينزلنّ بهم مثله، وهو استئناف معناه تعليل النهي عن المرية.

و«ما» في (مما)، و (كما): يجوز أن تكون مصدرية وموصولة، ........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرحومية، ليؤذن أن إخراجهم لمحض مشيئته وسبق رحمته، لا لاستحقاق منهم، فينطبق عليه: (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ). وتحقيقه: أن قوله: (خَالِدِينَ فِيهَا) حال مقدرة من ضمير الاستقرار في الظرف، أي: (فِي النَّارِ)، وأنت تعلم أن الحال قيد للحكم، فإذا انتفى الحكم من البعض بالاستثناء ينتفي مقيداً، المعنى: إن الذين شقوا مستقرون في النار مقدرين الخلود إلا المرحوم الذي شاء الله أن لا يستقر مخلداً. فيفيد إما أن لا يستقر فيها مطلقاً أو يستقر غير مخلد، وأحوال العصاة على هذا النهج، كما علم من النصوص الصحيحة.

وقال المصنف: "زادنا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه"، ونقول: زادنا الله اطلاعاً على كشف أستار التنزيل لنذب عن مذهب أهل الحق، ووقوفاً على الجمع بين الكتاب والسنة، ونعوذ بالله من الزيغ عن سنن المؤمنين، وسنن سيد المرسلين.

قوله: (وتعرضهم بها لما أصاب): اللام: صلة التعرض. الجوهري: "عرضت فلاناً لكذا، فتعرض هو له"، والباء في "بها": للسبب، أي: تعرضهم لما أصاب أمثالهم بسبب العبادة.

قوله: (وهو استئناف معناه تعليل النهي): يعني: لما نهاه بقوله: (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ)، أي: لا تشك في سوء عاقبة عبادتهم، قدر السائل أن يقول: لم ما أشك في سوء عاقبتهم؟ فأجاب: لأن حالهم في الشرك مثل حال آبائهم، فيهلكهم الله كما أهلك آباءهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>