وعن الحسن رحمه الله: جعل الله الدين بين لاءين: (وَلا تَطْغَوْا)، (وَلا تَرْكَنُوا).
ولما خالط الزهري السلاطين كتب إليه أخ له في الدين:"عافانا الله وإياك - أبا بكر - من الفتن، فقد أصبحت بحالٍ ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك، أصبحت شيخاً كبيراً وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك الله من كتابه،
ويؤخذ باسمه الدنيا جميعاً … وما من ذاك شيء في يديه
قوله:(جعل الله الدين بين لاءين: (وَلا تَطْغَوْا)، (وَلا تَرْكَنُوا)): لعل المراد: أن الله تعالى جعل الأمر بقوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) - الذي هو عبارة عن الثبات على الصراط المستقيم، وهو الدين- بين النهيين؛ أحدهما: الإفراط، وهو الطغيان والتجاوز عن الحد، والآخر: التفريط، وهو الميل القليل إلى الظلمة.
قال القاضي: "خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين بها للتثبيت على الاستقامة التي هي العدل، فإن الزوال عنها بالميل إلى أحد طرفي إفراط وتفريط ظلم على نفسه أو غيره، بل ظلم في نفسه".
قوله:(ولما خالط الزهري السلاطين): قال صاحب "الجامع": "هو أبو بكر محمد ابن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، أحد الفقهاء والمحدثين والعلماء من التابعين بالمدينة، المشار إليه في فنون علم الشريعة، قال عمر بن عبد العزيز: لا أعلم أحداً أعلم بالسنة منه. وقيل لمكحول: من أعلم من رأيت؟ قالك ابن شهاب، قيل: ثم من؟ قال: ابن شهاب. مات في رمضان سنة أربع وعشرين ومئة".