والنهي متناول للانحطاط في هواهم، والانقطاع إليهم، ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم، والرضا بأعمالهم، والتشبه بهم، والتزيي بزيهم، ومدّ العين إلى زهرتهم. وذكرهم بما فيه تعظيم لهم. وتأمّل قوله (وَلا تَرْكَنُوا) فإن الركون هو الميل اليسير، وقوله (إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي: إلى الذين وجد منهم الظلم، ولم يقل إلى الظالمين.
وحُكي أنّ الموفق صلى خلف الإمام فقرأ بهذه الآية فغشي عليه، فلما أفاق قيل له، فقال: هذا فيمن ركن إلى من ظلم، فكيف بالظالم؟ !
قوله:(وحكي أن الموفق): والظاهر أنه أراد أبا أحمد طلحة الموفق بن المتوكل، قال ابن الأثير في "الكامل": "عقد له أخوه المعتمد على الله على الكوفة والحرمين واليمن وبغداد وواسط والبصرة والأهواز وفارس وكرمان، وولاه قتال الزنج بالبصرة، وصاحبهم رجل زعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فأبادهم الله على يده، وكان عادلاً حسن التدبير حسن السيرة، يجلس للمظالم، وعنده القضاة وغيرهم، وكان عالماً بالأدب والنسب والفقه وسياسة الملك وغير ذلك، توفي في سنة ثمان وسبعين ومئتين".
وقال ابن حمدون صاحب "التذكرة": وكان العهد في الموفق بعد المعتمد أخيه، ثم في المفوض إلى الله جعفر بن المعتمد، فمات الموفق قبل المعتمد، ثم بويع المعتضد بن الموفق بالعهد، وخلع المفوض، وقال: كان الموفق مستولياً على الأمر كله في خلافة أخيه المعتمد، حتى قال- وقد طلب ما راعى به مغنياً، فمنع منه-: