وأقم زلفا من الليل، على معنى: وأقم صلاة تتقرّب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل.
(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) فيه وجهان، أحدهما: أن يراد تكفير الصغائر بالطاعات، وفي الحديث:«إن الصلاة إلى الصلاة كفارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر» والثاني: إن الحسنات يذهبن السيئات، بأن يكن لطفاً في تركها، كقوله:(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)[العنكبوت: ٤٥].
وقيل: نزلت في أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري، كان يبيع التمر فأتته امرأة فأعجبته، فقال لها: إن في البيت أجود من هذا التمر، فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبلها، فقالت له: اتق الله، فتركها وندم، ......
وحقها على هذا التفسير أن تعطف على (الصَّلاةَ)، لأن معنى "قرباً من الليل": يتقرب إلى الله في بعض الليل، بأن تصلى صلاة التهجد، فتعطف على (الصَّلاةَ)، وهي الصلاة في طرفي النهار، لتجتمع صلاة النهار وصلاة الليل.
قوله: (وفي الحديث: "إن الصلاة إلى الصلاة"): والرواية: أن عثمان دعا بطهور، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأت كبيرة، وذلك الدهر كله"، أخرجه البخاري ومسلم مع اختلاف.
قوله:(بأن يكن لطفاً في تركها): لأن الصلاة الحقيقية هي أن تكون زاجرة عن ارتكاب المنكرات والفواحش، وإلا فتكون قاضية على صاحبها، قال ابن عباس:"من لم تأمره صلاته بالمعروف، ولم تنهه عن المنكر، لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً".
قوله:(أبي اليسر عمرو بن غزية الأنصاري): الصحيح في "جامع الأصول": "هو أبو اليسر