فإن قلت: علام عطف قوله (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا)؟ قلت: إن كان معناه: واتبعوا الشهوات، كان معطوفاً على مضمر، لأنّ المعنى إلا قليلاً ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد، واتبع الذين ظلموا شهواتهم، فهو عطف على نهوا. وإن كان معناه واتبعوا جزاء الإتراف، فالواو للحال، كأنه قيل: أنجينا القليل وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم.
فإن قلت: فقوله (وَكانُوا مُجْرِمِينَ)؟ قلت: على (أترفوا) أي: اتبعوا الإتراف وكونهم مجرمين، .......
وقلت: على هذا التقدير لابد من إضمار "نهوا" وهذه المذكورات أيضاً، لأن قوله:"واتبعوا الشهوات" مستدع لذلك، أي: أنهم تركوا متابعة أضدادها، وهي دليل الهدى والاهتمام بالواجب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خاصة في هذا المقام، واستمروا على ضلالهم في متابعة الهوى، فإذن يضمر بعد الاستثناء "نهوا" ليعطف عليه، كأنه قيل: ما كانوا ينهون عن الفساد، لكن القليل منهم نهوا فنجوا، والباقون ما اهتموا به، وعقدوا هممهم بالشهوات، واتبعوا التترف فهلكوا، فوضع موضع "الباقين": (الَّذِينَ ظَلَمُوا) ليؤذن بأن سبب ترك النهي عن المنكر انهماكهم في الشهوات واشتغالهم بحب الجاه والرئاسة، وأن ذلك ظلم عظيم يستأهل صاحبه النكال الشديد، وفيه أن "حب الدنيا رأس كل خطيئة".
قوله:(فقوله: (وَكَانُوا مُجْرِمِينَ)): أي: فعلى أي شيء يعطف قوله: (وَكَانُوا مُجْرِمِينَ).
قوله:(أي: اتبعوا الإتراف وكونهم مجرمين): قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، لأن