للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) أراد بـ"الذين ظلموا": تاركي النهي عن المنكرات، أي: لم يهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعقدوا هممهم بالشهوات، واتبعوا ما عرفوا فيه التنعم والتترف، من حب الرياسة والثروة، وطلب أسباب العيش الهنيء. ورفضوا ما وراء ذلك ونبذوه وراء ظهورهم.

وقرأ أبو عمرو- في رواية الجعفي-: "وأُتبِعَ الذين ظلموا"، يعني: واتبعوا جزاء ما أتوفوا فيه. ويجوز أن يكون المعنى في القراءة المشهورة: أنهم أتبعوا جزاء إترافهم، وهذا معنى قويّ لتقدم الإنجاء، كأنه قيل: إلا قليلاً ممن أنجينا منهم وهلك السائر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرأ أبو عمرو): وهي شاذة.

قوله: (معنى قوي لتقدم الإنجاء): أي: النظم يستدعي هذا، لأن بعد تقدم الإنجاء للناهين المناسب أن يبين هلاك الذين لم ينهوا، كأنه قيل: وأنجينا القليل واتبع الذين ظلموا جزاءهم، أي: هلكوا، فيكون وصول الجزاء إلى الكثير في مقابلة إنجاء القليل، ولم يفتقر إلى تقدير معطوف عليه، لقوله: (وَاتَّبَعَ)، لأن الواو حينئذ للحال، وإليه الإشارة بقوله: "الواو للحال"، كأنه قيل: أنجينا القليل وقد اتبع الذين ظلموا جزاءهم.

وعلى الأول: "واتبعوا" عطف على "نهوا" مقدراً، كما سيجيء في جواب السؤال.

فإن قلت: قدر المعطوف عليه أولاً غير ما ذكر في الجواب، حيث قال: "لم يهتموا بما هو ركن عظيم في الدين، وعقدوا هممهم بالشهوات، واتبعوا ما عرفوا فيه التنعم" إلى آخره، لأنه عطفه على "عقدوا" أو "لم يهتموا"؟

<<  <  ج: ص:  >  >>