(وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ)"ذلك" إشارة إلى ما دل عليه الكلام الأوّل وتضمنه، يعني: ولذلك من التمكين والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم، ليثيب مختار الحق بحسن اختياره، ويعاقب مختار الباطل بسوء اختياره.
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) وهي قوله للملائكة (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لعلمه بكثرة من يختار الباطل.
مشيئة الله تعالى باتفاق الناس على دين الحق ما اختلفوا حقاً ولا باطلاً، وحين تعلقت مشيئته بهداية البعض وضلالة البعض؛ بأن يكون فريق في الجنة وفريق في السعير، اختلفوا، يدل عليه قوله في هذه الآية:(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، وتؤيده الأحاديث الواردة في القدر.
روى محيي السنة:"عن الحسن وعطاء: وللاختلاف خلقهم. وقال مالك: خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير. وقال أبو عبيدة: هذا القول أختاره".
وقال القاضي:"في الآية دليل ظاهر على أن الأمر غير الإرادة، وأنه تعالى لم يرد الإيمان من كل أحد، وأن ما أراده يجب وقوعه".
قوله:((كَلِمَةُ رَبِّكَ) هي قوله للملائكة: (لأَمْلأَنَّ)): يريد: أن المراد بـ "الكلمة": الإخبار، كما قال تعالى في الأنعام:(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ)[الأنعام: ١١٥]، أي: ما أخبر به، وأمر ونهى، ووعد وأوعد، فر من إثبات العلم الأزلي، وجف القلم بما هو كائن، الذي