(قائِلٌ مِنْهُمْ) هو يهوذا، وكان أحسنهم فيه رأيا. وهو الذي قال، (فلن أبرح الأرض)[يوسف: ٨٠]. قال لهم: القتل عظيم (فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) وهي غوره وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله. قال المنخل:
وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) [البقرة: ٤٢]، أي: لا تجمعوا بين لبس الحق بالباطل وكتمان الحق، كقوله:"لا تأكل السمك وتشرب اللبن"، والمعنى: اطرحوه أرضاً ليجتمع لكم إقبال أبيكم عليكم وصلاح أمر دنياكم.
قوله:(وقال لهم: القتل عظيم)، وإنما وصفه بالعظم لأن الذي أبدل منه- وهو الإلقاء في الجب- معلل بالالتقاط، ولأنه مؤكد بالشرط، أي: إن كان لابد من أن تفعلوا به ما ترومونه، فهذا، لأنه أهون.
قوله:(وإن أنا يوماً غيبتني) البيت، أي: غيابة حفرتي التي أدفن فيها، فسيروا بنعتي في القبائل والعشائر، وقيل:"فسيروا" من السيرة لا من السير، كانت العادة فيهم إذا مات رئيس عظيم الخطر يطوف أحد منهم على القبائل، ويصعد على الروابي، ويقول: أنعى فلاناً، يريدون تشهير أمره، وتعظيم التفجع به.
قوله: (قرئ: "غيابات" على الجمع)، نافع في الموضعين، والباقون: على التوحيد.
قوله: (و"غيابات" بالتشديد)، قال ابن جني:"وهي قراءة الأعرج، وقرأ الحسن: "في غيبة"، أما "غيابة" فإنه اسم جاء على "فعالة"، وكان أبو علي يضيفه إلى ما حكاه سيبويه