(وَلَدارُ الْآخِرَةِ) ولدار الساعة أو الحال الآخرة (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) للذين خافوا الله فلم يشركوا به ولم يعصوه. وقرئ:(أَفَلَا تَعْقِلُونَ)، بالتاء والياء.
(حَتَّى) متعلقة بمحذوفٍ دلّ عليه الكلام، كأنه قيل:(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا)، فتراخى نصرهم حتى استيأسوا عن النصر (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) أي: كذبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنهم ينصرون، أو رجاؤهم لقولهم: رجاءٌ صادق، ورجاءٌ كاذب. والمعنى: أنّ مدّة التكذيب والعداوة من الكفار وانتظار النصر من الله وتأميله قد تطاولت عليهم وتمادت، حتى استشعروا القنوط وتوهموا أن لا نصر لهم في الدنيا، فجاءهم نصرنا فجأة من غير احتساب.
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: وظنوا حين ضعفوا وغلبوا أنهم قد أُخلفوا ما وعدهم الله من النصر وقال: كانوا بشرا، وتلا قوله (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ)[البقرة: ٢١٤]،
قوله:(أي: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون)، يعني: تحدثوا من عند أنفسهم أنهم ينصرون، فملا تراخى النصر وتوهموا أن لا نصر لهم جاءهم النصر، فهو من باب التجريد، كقوله تعالى:(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ)[البقرة: ٩] في وجه.
قوله:(أو رجاؤهم)، عطف على "أنفسهم"، ويجوز إسناد "كذب" إلى الرجاء؛ لما يقال: رجاء صادق وكاذب.