للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: كيف قال: (الْواحِدِ الْقَهَّارِ)؟ قلت: هو كقوله: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: ١٦]؛ لأنّ الملك إذا كان لواحدٍ غلابٍ لا يغالب ولا يعازّ، فلا مستغاث لأحد إلى غيره ولا مستجار، كان الأمر في غاية الصعوبة والشدّة. (مُقَرَّنِينَ) قرن بعضهم مع بعض، أو مع الشياطين، أو قرنت أيديهم ألى أرجلهم مغللين.

وقوله: (فِي الْأَصْفادِ): إمّا أن يتعلق بـ (مقرّنين)، أي: يقرنون في الأصفاد. وإمّا أن لا يتعلق به، فيكون المعنى: مقرّنين مصفدين. والأصفاد: القيود: وقيل الأغلال، وأنشد لسلامة بن جندل:

وَزَيْدُ الْخَيْلِ قَدْ لَاقَى صِفَاداً … بَعَضُّ بِسَاعِدٍ وَبِعَظْمِ سَاقِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسقط أيضاً قول صاحب "الانتصاف": "أما كونه على ألسنة الرسل فلا يقف التخويف عليه".

قوله: (كيف قال: (الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)؟ )، أي: كيف ضم هذا مع قوله: (وَبَرَزُوا لِلهِ)؟ وأجاب: أن انضمامه معه يفيد معنى الصعوبة والشدة كانضمام قوله: (لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) مع قوله: (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: ١٦].

قوله: (إما أن يتعلق بـ (مُقَرَّنِينَ) أي: يكون (فِي الأَصْفَادِ) ظرفاً لغواً، وهو نشر لقوله: "قرن بعضهم مع بعض أو مع الشياطين"، أيك في الأغلال، وقوله: "وإما أن لا يتعلق به"، أي: يكون ظرفاً مستقراً حالاً من ضمير المجرمين، وهو نشر لقوله: "قرنت أيديهم إلى أرجلهم مغللين".

قوله: (وزيد الخيل قد لاقى صفادا)، قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": "هو زيد ابن مهلهل بن زيد الطائي، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه صلى الله عليه وسلم زيد الخير، وقال له: ما وصف

<<  <  ج: ص:  >  >>