للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطران: فيه ثلاثة لغات: قَطِران، وقِطْران، وقَطْران؛ بفتح القاف وكسرها مع سكون الطاء، وهو ما يتحلب من شجر يسمى الأبهل فيطبخ، فتهنأ به الإبل الجربى، فيحرق الجرب بحرّه وحدّته، والجلد، وقد تبلغ حرارته الجوف، ومن شأنه أن يسرع فيه اشتعال النار، وقد يستسرج به، وهو أسود اللون منتن الريح، فتطلى به جلود أهل النار حتى يعود طلاؤه لهم كالسرابيل وهي القمص، لتجتمع عليهم الأربع: لذع القطران. وحرقته، وإسراع النار في جلودهم، واللون الوحش، ونتن الريح. على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين، وكل ما وعده الله أو وعد به في الآخرة، فبينه وبين ما نشاهد من جنسه من لا يقادر قدره، وكأنه ما عندنا منه إلا الأسامى والمسميات ثمة، فبكرمه الواسع نعوذ من سخطه، ونسأله التوفيق فيما ينجينا من عذابه.

وقرئ: "من قِطْرٍ آنٍ"، والقطر: النحاس أو الصفر المذاب. والآني: المتناهي حرّه.

(وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ): كقوله تعالى: (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ) [الزمر: ٢٤]، (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) [القمر: ٤٨] لأن الوجه أعز موضع في ظاهر البدن وأشرفه، كالقلب في باطنه، ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لي [أحد] في الجاهلية فرأيته في الإسلام [إلا رأيته] دون صفته غيرك، ومات منصرفه من عند النبي صلى الله عليه وسلم محموماً".

قوله: (وقرئ: "من قطر آنٍ")، قال ابن جني: "وهي قراءة ابن عباس وأبي هريرة وجماعة من التابعين، والآني: من: أنى الشيء يأني أنياً وإنى- مقصور-، ومنه قوله تعالى: (غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) [الأحزاب: ٥٣]، أي: بلوغه وإدراكه، قال أبو علي: ومنه: الإناء، لأنه الظرف الذي قد بلغ غايته المرادة فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>