للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك قال: (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة: ٧]. وقرئ: (وتغشى وجوههم)، بمعنى تتغشى: أي: يفعل بالمجرمين ما يفعل (لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ) مجرمةٍ (ما كَسَبَتْ) أو كل نفسٍ من مجرمةٍ ومطيعة، لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم على أنه يثيب المطيعين لطاعتهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بمعنى: تتغشى)، أي: يجب حمل هذه القراءة على المضارع، فحذف إحدى التاءين ليوافق المشهورة.

فإن قلت: (مُقَرَّنِينَ) و (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ) (وَتَغْشَى) ثلاثتها أحوال من ضمير (الْمُجْرِمِينَ)، فلم خولف بينها؟ قلت: ليؤذن بالترقي، فإن كونهم مقرنين في الأصفاد دون أن تكون سرابيلهم من قطران، فجيء بها جملة اسمية، وغشيان أكرم الأعضاء واستعلاء أقوى العناصر عليها فوق الكل، فجدد بالمضارع الدال على استحضار تلك الحالة الفظيعة في مشاهدة السامع. وإنما قلت: "فجدد" لأن إتيان "ترى" لذلك.

قوله: (أي: يفعل بالمجرمين ما يفعل)، كناية عن قوله تعالى: (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) الآيتين، واللام تعليل للمذكور.

قوله: (لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم)، علة لإجزاء كل نفس بما كسبت على العموم، يعني: أن (كُلَّ نَفْسٍ) لما عقبت ذكر (الْمُجْرِمِينَ)، خصصت بنفس مجرمة وكانت مقيدة بها، أو يترك على الإطلاق، وإن كان تعليلاً للكلام السابق.

قال القاضي: "ويتعين ذلك إن علق اللام بـ "برزوا لله الواحد القهار"، للدلالة على أنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم، علم بالمفهوم أنه يثيب المطيعين لطاعتهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>