للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كتابٌ مَعْلُومٌ مكتوب معلومً)، وهو أجلها الذي كتب في اللوح وبين، ألا ترى إلى قوله (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها في موضع كتابها)، وأنث الأمّة أوّلا ثم ذكرها آخرا، حملا على اللفظ والمعنى: وقال (وَما يَسْتَاخِرُونَ) بحذف «عنه» لأنه معلوم.

[(وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ)].

قرأ الأعمش: يا أيها الذي ألقى عليه الذكر، وكأن هذا النداء منهم على وجه الاستهزاء، كما قال فرعون (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) وكيف يقرّون بنزول الذكر عليه وينسبونه إلى الجنون. والتعكيس في كلامهم للاستهزاء والتهكم مذهب واسع. وقد جاء في كتاب الله في مواضع، منها (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: ٢١]، (إَنكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيد) [هود: ٨٧] وقد يوجد كثيراً في كلام العجم، والمعنى: إنك لتقول قول المجانين حين تدعى أنّ الله نزل عليك الذكر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال: فالوجه عندي هو أن (وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ): حال (لقرية) لكونها في حُكم الموصوفة، أي: قرية من القرى، لا وصف، وحمله على الوصف سهوٌ لا خطأ، ولا عيب في السهو.

وقد أطال المالكي في "شرح التسهيل" في الرد قياساً ونقلاً، وجعل مصحح وقوع النكرة ذا الحال كونها منفية، وقال: والمنفي صالح لأن يُجعل صاحب حالٍ بما هو صالح لان يُجعل مبتدأ، ومن أمثلة أبي علي في "التذكرة": ما مررت بأحد إلا قائماً إلا أخاك، فجعل الحال من أحد، لاعتماده على النفي. وسنذكر الجواب إن شاء الله في سورة "الكهف".

قوله: (وأنت الأمة أولاً) يعني: في قوله: (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ) ثم ذكرها آخراً، أي: في قوله: (وَمَا يَسْتَأخِرُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>