للنبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أكفيكهم، فأومأ إلى ساق الوليد فمرّ بنبال فتعلق بثوبه سهم، فلم ينعطف تعظماً لأخذه، فأصاب عرقاً في عقبه فقطعه فمات، وأومأ إلى أحمص العاص بن وائل، فدخلت فيها شوكة، فقال: لدغت لدغت وانتفخت رجله، حتى صارت كالرحى ومات، وأشار إلى عينى الأسود بن المطلب، فعمى وأشار إلى أنف الحارث بن قيس، فامتخط قيحاً فمات، وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد في أصل شجرة، فجعل ينطح رأسه بالشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات.
(بِما يَقُولُونَ) من أقاويل الطاعنين فيك وفي القرآن (فَسَبِّحْ) فافزع فيما نابك إلى الله. والفزع إلى الله: هو الذكر الدائم وكثرة السجود، يكفك ويكشف عنك الغم. ودم على عبادة ربك (حَتَّى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ) أي الموت، أي ما دمت حياً فلا تخل بالعبادة.
قوله:((فَسبح) فافزع فيما نابك إلى الله)، يريد أن قوله:(فَسُبْحَ) أمر بإزالة ما كان يلحقه من ضيق الصدر، وفي الحقيقة المزيل هو الفزع إلى الله تعالى، فوضع التسبيح موضع اللجأ، واللجأ إلى الخلق بالدخول في كنفه، واللحوق إلى خفارته، وإلى الله بالتضرع إليه بالذكر الدائم والخضوع بين يديه بالسجود المتوالي.
قوله:(يكفك ويكشف عنك الغم): جواب الأمر، وهو (فَسُبْحَ).
قوله:((حَتَّى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ) أي: الموت، أي: ما دُمت حياً فلاتُخِل بالعبادة)، قال محيي السنة: هذا معنى قوله: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)[مريم: ٣١]. وقال الإمام: سُمي الموت يقيناً، لأنه أمر متيقن.