وقال الراغب: اليقين من صفة العلم، فوق المعرفة والدراية وأخواتها، يقال: علمُ يقين، ولا يقال: معرفة يقين، وهو سكون النفس مع ثبات الحكم، يقال: استيقن وأيقن.
أما دلالة النظم عليه، فإن في عطف (وَاعْبُدُ) على (فَسَبِحْ) وترتيبه بالفاء، على قوله:(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) بعد الأمر بالإعراض عن المشركين إشعاراً بمُتاركة القوم والإقناط من إيمانهم، أي: بذلت جُهدك واستفرغت ما في وُسعك من الإنذار والتبليغ، فأعرض عنهم، وفوض أمرهم إلى مقتضى قولنا:(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) كما قال في حم: (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ * فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)[الزخرف: ٨٩] واشتغل بما هو مختص بك من العبادة حتى تختار جوار الرفيق الأعلى.
وأما ما رواه السُّلمي عن الواسطي:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ) لا تُلاحظ غيره في الأوقات (حَتَّى يَاتِيَكَ الْيَقِينُ) فيتحقق عندك أنك لا تُحس بغير الحق، ولا ترى إلا الحق، ولا يجاذبك إلا الحق، فهو إشارة إلى الإرشاد إلى العروج في درجات العبودية والترقي إلى مقام رفع الحول والقوة إلا بالله كما ورد في الحديث القدسي:"ما يتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته، وإن استعاذني أعذته … " الحديث، أخرجه البخاري عن أبي هريرة.