كان منتظراً لقرب وقوعه (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) روى أنه لما نزلت (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ)] القمر: ١ [قال الكفار فيما بينهم إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت، فأمسكوا عن بعض ما تعملون حتى ننظر ما هو كائن، فلما تأخرت قالوا: ما نرى شيئاً، فنزلت (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ)] الأنبياء: ١ [فأشفقوا وانتظروا قربها، فلما امتدت الأيام قالوا: يا محمد، ما نرى شيئاً مما تخوفنا به، فنزلت أَتى (أَمْرُ اللَّهِ) فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم، فنزلت (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا وقرئ: (تستعجلوه)، بالتاء والياء (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) تبرأ عز وجل عن أن يكون له شريك، وأن تكون آلهتهم له شركاء. أو عن إشراكهم، على أنّ «ما» موصولة أو مصدرية. فإن قلت: كيف اتصل هذا باستعجالهم؟ قلت:
وقال أيضاً: والعجلة: طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، وهي من مقتضى الشهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامة التنزيل، حتى قيل: العجلة من الشيطان، وقوله تعالى:(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)[طه: ٨٤] فذكر أن عجلته وإن كانت مذمومة فالذي دعا إليها أمرٌ محمود، وهو طلب رضي الله، وقوله تعالى:(خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ)[الأنبياء: ٣٧]، قال بعضهم: من حمأٍ، وليس بشيء، بل ذلك تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك، وأن ذلك إحدى القوى التي رُكبَ عليها، وعلى ذلك قال:(وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً)[الإسراء: ١١]، والعُجالة: ما يُعجل أكله، كاللهنة. وهي السُّفلة، وهي ما يتعلل به الإنسان قبل إدراك الطعام.
قوله:(قرئ: (تَسْتَعْجِلُوهُ) بالتاء والياء)، بالتاء الفوقانية: هي المشهورة، وبالياء: شاذة.
قوله:(عن أن يكون له شريك)، هذا على أن تكون "ما": موصولة، وقوله:"وأن تكون آلهتهم شركاء" عطفٌ على سبيل البيان، وقوله:"أو عن إشراكهم" على أن "ما" مصدرية.