للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنّ استعجالهم استهزاء وتكذيب وذلك من الشرك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأن استعجالهم استهزاء وتكذيب، وذلك من الشرك)، فـ"مِن" إما ابتدائية، فالمعنى: ذلك من أجل الشرك وبسببه، أو تبعيضية، أي: وذلك بعضُ الشرك، والمعنى على الوجهين هو: أن من استهزأ بوعد الله ووعيده، وكذبه فيما أثبت له العجز والقصور والاحتياج إلى الغير، أو أن أحداً يحجزه من إنجاز وعده وإمضاء وعيده، قال الإمام: قال الكفار: هب أنا سلمنا لك ما تقول من أنه تعالى حكم بإنزال العذاب علينا إلا أنا نعبدُ هذه الأصنام فإنها شفعاؤنا عند الله، فتشفع لنا فنتخلص من العذاب، فأجاب الله تعالى بقوله: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). وكذا لخص القاضي.

وقلتُ: ويمكن أن يقال: إن الخطاب في قوله: (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) عام يدل عليه ما رواه لما نزلت (اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ) [القمر: ١] إلى قوله: فنزلت (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ)، فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم وظنوا أنها قد أتت حقيقة، فنزلت (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) فاطمأنوا. ورواه محيي السنة بتمامه، عن ابن عباس، كأنه يل: قرب وأتى أمر الله فلا تستعجلوه؛ لأن ما هو آتٍ، آتٍ، كما يُقال لمن يطلب الإغاثة، وقد قرب حصولها: جاءك الغوث، ثم التفت من الخطاب إلى الغيبة في قوله: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) نعياً على المشركين خاصة إلى غيرهم واستبعاداً لسوء صنيعهم، يعني: ماذا يستعجل منه أولئك البُعداء مع هذه العظيمة التي ارتكبوها، كقوله تعالى: (مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) [يونس: ٥٠]، فما أبعدهم من قوم، وما أجهلهم من جيل في إشراكهم بالله تعالى مع تعاضد الأدلة السمعية والعقلية في قلعه واستعجالهم فيما يُرديهم! .

وإلى السمعية الإشارة بقوله: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) [النحل: ٢] الآية، أي: يُنزل الله تعالى ملائكته المقربين ملتبسين بوحيه وكلامه الذي هو بمنزلة الروح للجسد وبمثابة الحياة

<<  <  ج: ص:  >  >>