هو (أُولئِكَ) على: ومن كفر بالله من بعد إيمانه هم الكاذبون. أو من الخبر الذي هو (الكاذبون)، على: وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه. ويجوز أن ينتصب على الذمّ. وقد جوّزوا أن يكون (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ) شرطاً مبتدأ، ويحذف جوابه، لأنّ جواب (مَنْ شَرَحَ) دال عليه، كأنه قيل: من كفر بالله فعليهم غضب، إلا من أكره، ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب. روى: أنّ ناساً من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان، منهم عمار، وأبواه ياسر وسمية، وصهيب، وبلال،
قوله:(وقد جوزوا أن يكون (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ) شرطاً مبتدأ)، وهو قول أبي علي الجبائي، أي: من كفر استحق الغضب والعقاب إلا من أكره.
قوله:(رُوي أن ناساً من أهل مكة فُتنوا) إلى آخره، ذكر ابن عبد البر في "الاستيعاب": عن ابن عمر: كان عمار وأمه سمية ممن عُذب في الله، ثم أعطاهم عمار ما أرادوا بلسانه واطمأن قلبه بالإيمان، فنزلت الآية، وهذا مما اجتمع عليه أهل التفسير.
وروى النسائي، عن عمر بن شرحبيل، عن رجل من الصحابة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مُلئ عمارٌ إيماناً إلى مُشاشه". المُشاش، بالضم: جمعُ مشاشةٍ، وهي رؤوس العظام اللينة.
قوله:(منهم عمارٌ)، مبتدأ وخبرٌ، "وأبواه" مع ما بعده معطوف على "عمار"، وقوله:"عُذبوا": جملة مستأنفة، فكأنه قيل: ما فُعل بهم؟ فقيل: عُذبوا، ونظيره قوله تعالى:(مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا)[الأحزاب: ٢٣] إلا أن صدقوا: صفة لرجال، هذا على أن عماراً ممن عُذب على ما روي في "الاستيعاب"، فقوله:"فأما سُمية وأما عمارٌ" تفصيلٌ لقوله: "عُذبوا"، وقيل أبواه: مبتدأ والخبر: "عُذبوا"، وأن عماراً ما عُذبَ على ما عليه ظاهر كلام المصنف.