للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخباب، وسالم: عذبوا، فأمّا سمية: فقد ربطت بين بعيرين ووجيء في قبلها بحربة، وقالوا: إنك أسلمت من أجل الرجال. فقتلت، وقتل ياسر، وهما أول قتيلين في الإسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها. فقيل: يا رسول الله، إن عماراً كفر، فقال: «كلا، إنّ عماراً مليء إيماناً من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه» فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكى، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه، وقال: «مالك؟ ! إن عادوا لك فعد لهم بما قلت» ومنهم جبر مولى الحضرمي، أكرهه سيده فكفر، ثم أسلم مولاه وأسلم، وحسن إسلامهما، وهاجرا. فإن قلت: أي الأمرين أفضل، أفعل عمار أم فعل أبويه؟ قلت: بل فعل أبويه، لأنّ في ترك التقية والصبر على القتل إعزازاً للإسلام. وقد روى: أنّ مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله. قال: فما تقول في؟ قال: أنت أيضا، فخلاه. وقال للآخر: ما تقول في محمد؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (إعزازاً للإسلام)؛ لأن المخالف إذا رأى أن المسلم يبذلُ ماله وروحه دون دينه أيقن أن مثل هذا الدين لا يكون إلا حقاً، ينصره قوله تعالى: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، أي: يشكون في دينهم، يقولون: ما رجعوا، وهم أهل كتاب وعلم إلا لأمرٍ قد تبين لهم. يؤيده ما روينا في "صحيح البخاري" و"مسلم"، عن أبي سفيان: أن هرقل سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: "هل يرتد أحدٌ منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا. قال: … وكذلك الإيمانُ إذا خالط بشاشته القلوب … " الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>