(السَّبْتُ) مصدر سبتت اليهود؛ إذا عظمت سبتها. والمعنى: إنما جعل وبال السبت؛ وهو المسخ (عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) واختلافهم فيه: أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرّموه تارة، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة بعد ما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه وتعظيمه. والمعنى في ذكر ذلك، نحو المعنى في ضرب القرية التي كفرت بأنعم الله مثلا، وغير ما ذكر، وهو الإنذار من سخط الله
قوله:(وبالُ السبت)، أي: وبالُ ترك تعظيم السبت. قال محيي السنة: قيل: معناه إنما جُعل السبتُ لعنةً على الذين اختلفوا فيه، أي: خالفوا فيه، وقيل: معناه: ما فرض الله تعظيم السبت إلا على الذين اختلفوا فيه.
قوله:(والمعنى في ذكر ذلك نحو المعنى في ضرب القرية التي كفرت بأنعم الله مثلاً وغير ما ذُكر)، عطفٌ على أنعم الله، أي: كفرتُ بأنعمِ الله وبغيرِ أنعم الله، ويأباهُ بيان غير ما ذُكر بقوله:"وهو الإنذار من سخط الله" إلى آخره؛ لأن مثل هذا الإنذار من أجل النعم. ويُمكنُ أن يقال: إنه عطفٌ على قوله: "في ضربِ القرية" من حيث المعنى، يريد: المعنى في ذكر هذه الآية نحو المعنى المذكور في قوله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الآية، وهو الاعتبار، وإيتاء النعمة والأمن والاطمئنان وكُفرانها، ثم استئصالها في الدنيا، ونحو غير ما ذُكر فيه، وهو أن أهل هذه القرية أنذرتهم أنبياؤهم بأن يُعظموا أمر السبت ولا يتعرضوا لسخط الله بهتك حرمته، فخالفوهم وخلعوا ربقة الطاعة عن أعناقهم، فيجبُ أن يقدر فيها هذا المعنى لكون الآيتين واردتين في الفريقين من المشركين واليهود، بعدما نعى عليهما تحريم ما أحله الله وتحليل ما حرمه، وبعدما أُنذروا وكفروا بنعم الله وادعوا أنهم متبعون ملة إبراهيم، فكُذبوا بقوله: إن إبراهيم عليه السلام كان حنيفاً وشاكراً، وهؤلاء مشركون يعبدون من دون الله، واليهود يكفرون نعمه، ولم يكن متابعاً له إلا هذا النبي كما قال:(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ)[آل عمران: ٦٨].