على العصاة والمخالفين لأوامره والخالعين ربقة طاعته. فإن قلت: ما معنى الحكم بينهم إذا كانوا جميعاً محلين أو محرّمين؟ قلت: معناه أنه يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلين تارة ومحرّمين أخرى ووجه آخر: وهو أنّ موسى عليه السلام أمرهم
قوله:(فما معنى الحُكم بينهم؟ )، يعني: إنما يحسنُ إطلاقُ الاختلافِ والحكمُ بين الفريقين إذا وقع التنازعُ بينهم، بأن كان بعضهم مُحلين، وبعضهم محرمين. وأما إذا كانوا جميعاً محلين تارة، ومحرمين أخرى، فلا يقع التنازع والاختلاف، فما معنى قوله تعالى:(لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)؟ ووجه الجواب أن الاختلاف ما يقع بين المتنازعين، يقع أيضاً بين فعلين وإن لم يقع التنازع بين القوم.
قوله:(ووجه آخرُ، وهو أن موسى عليه السلام أمرهم)، إلى آخره، هذا الوجه رواه الإمام عن ابن عباس، وقال: معنى "اختلفوا على نبيهم" حيثُ أمرهم بالجمعة فاختاروا السبت، لأن اختلافهم في السبت كان اختلافهم على نبيهم في ذلك اليوم.
وينصر هذا التأويل، ما رواه البخاري ومسلم وابن ماجه والنسائي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحنُ الآخرونَ السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، ثُمّ هذا يومهم الذي فُرض عليهم، يعني: الجمعة، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، وأضل الناس عنه، فالناس لنا فيه تبع، اليهود يوم السبت، والنصارى يوم الأحد، إن فيه لساعة لا يوافقها مؤمن يُصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه".