للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يجعلوا في الأسبوع يوما للعبادة، وأن يكون يوم الجمعة، فأبوا عليه وقالوا: نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السموات والأرض؛ وهو السبت، إلا شر ذمة منهم قد رضوا بالجمعة، فهذا اختلافهم في السبت؛ لأن بعضهم اختاره وبعضهم اختار عليه الجمعة، فأذن الله لهم في السبت وابتلاهم بتحريم الصيد فيه، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة، فكانوا لا يصيدون فيه، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك، وهو يحكم (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) فيجازى كل واحد من الفريقين بما يستوجبه. ومعنى (جعل السبت): فرض عليهم تعظيمه وترك الاصطياد فيه. وقرئ: إنما جعل السبت، على البناء للفاعل. وقرأ عبد الله: (إنا أنزلنا السبت).

[(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)].

(إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ): إلى الإسلام (بِالْحِكْمَةِ): بالمقالة المحكمة الصحيحة، وهي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) وهي التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها. ويجوز أن يريد القرآن، أي: ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة، (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ): بالطريقة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الإمام: إنهُ تعالى أمر محمداً صلوات الله عليه بمتابعة إبراهيم عليه السلام، وهذه المتابعة إنما تحصلُ إذا قلنا: إن إبراهيم عليه السلام قد اختار يوم الجمعة. وعند هذا للسائل أن يسأل: فلم اختار اليهود السبت؟ فأجيب: (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ).

قوله: (ومعنى (جُعِلَ السَّبْتُ): فُرض عليهم تعظيمه)، فعلى هذا ضمن (جُعِلَ) معنى: فُرض، فأوجب باستعانة (عَلَى)، وعلى الوجه الأول قدر مضافاً لتعلق الجار به، وهو قوله: "جُعِلَ وبالُ السبت على الذين اختلفوا فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>