من آمن به وحمل معه، فاجعلوه أسوتكم كما جعله آباؤكم أسوتهم. ويجوز أن يكون تعليلا لاختصاصهم والثناء عليهم بأنهم أولاد المحمولين مع نوح، فهم متصلون به، فاستأهلوا لذلك الاختصاص. ويجوز أن يقال ذلك عند ذكره على سبيل الاستطراد.
فإذا توهم أدنى شركٍ فيه لم يكن شاكراً حقاً، لا سيما والشكور من أبنية المبالغة.
قوله:(فاجعلوه أسوتكم)، الراغبُ: الأسوة والإسوة كالقُدوة والقِدوة: وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان في اتباع غيره، إن حُسناً أو قبحاً، وإن سارا أو ضارا؛ ولهذا قال تعالى:(أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[الأحزاب: ٢١]، فوصفها بالحسنة.
قوله:(ويجوز أن يكون تعليلاً)، مبني على أن "ذرية" منصوب على الاختصاص والمدح، يعني: إنما خصصناكم بهذا الخطاب لأنكم أولادُ آباء مكرمين، كقوله تعالى:(وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً)[الكهف: ٨٢]، قال القاضي: فيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شُكره، وحث للذرية على الاقتداء به.
وقلتُ: اعتبر اختصاص الحمل بالذكر وأدمج هذا المعنى فيه.
قوله:(على سبيل الاستطراد)، فعلى هذا لا يكون تعليلاً.