للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: ولا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها، وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار، وقيل: (بِصَلاتِكَ): بدعائك. وذهب قوم إلى أنّ الآية منسوخة بقوله: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) [الأعراف: ٥٥]. وابتغاء السبيل: مثل لانتحاء الوجه الوسط في القراءة.

[(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً)].

(وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ): ناصر من الذل ومانع له منه؛ لاعتزازه به، أو لم يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته.

فإن قلت: كيف لاق وصفه بنفي الولد والشريك والذل بكلمة التحميد؟ قلت: لأنّ من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة، فهو الذي يستحق جنس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (مثلٌ لانتحاء الوجه)، يعني: شبه من ينبغي أن يتوسط في القراءة بمن يتوخى بين السبيلين قصداً سوياً.

قوله: (أو لم يُوال أحداً)، جعل "ولياً" على الأول بمعنى الناصر، وعلق "مِن" به على تضمين معنى المنع، المعنى: ليس له ذُل ولا مانعٌ من الذل يمنعه لاعتزازه بنفسه؛ لأنه عزيزٌ بذاته، مانعٌ غيره منه، وعلى الثاني: إجراؤه على ظاهره، وجعلُ "مِن" ابتدائية، ومن ثم قال: "ولم يُوال أحداً" من أجل مذلة، وعلى التقديرين، التركيب من باب قوله:

على لاحبٍ لا يهتدى بمناره

قوله: (لأن من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة)، وذلك أن من اتخذ ولداً يحتاجُ إلى الإمساك لأجله، ومن ثم قال صلوات الله عليه: "الولدُ مجبنةٌ مبخلة"، ومَن

<<  <  ج: ص:  >  >>