كان له شريك في ما يتصرفه، فهو ممنوعٌ من التصرف التام، ومن احتاج إلى ناصر يدفع عنه الذُّل، كيف يقدرُ على دفعه عن الغير؟ والله سبحانه وتعالى منزه عن كل هذه الموانع، فهو يقدر على إيلاء كل نعمة، فلذلك يستحق كل الحمد.
وإنما سلك هذا التأويل لأن الحمد هو: الثناء على الجميل الاختياري من نعمةٍ أو غيرها، وعدم اتخاذ الولد ونفيُ الشريك عنه ليس من الفضائل الاختيارية ظاهراً، وقد رتب عليه الحمد، فعدل إلى لازم هذه المذكورات، وهوا لقدرة على إيلاء كل نعمةن ورتب عليها الحمد.
قال القاضي: نفي أن يكون له ما يواليه ويشاركه من جنسه ومن غير جنسه اختياراً واضطراراً، وما يُعاونه ويقويه، ورتب الحمد عليه للدلالة على أنه مستحق جنس الحمد؛ لأنه كامل الذات المنفرد بالإيجاد، المنعم على الإطلاق، وما عداه ناقصٌ، مملوك نعمةٍ أو منعمٌ عليه، ولذلك عطف عليه قوله:(وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً).
وقلت: والآية من باب التقسيم الحاصر؛ لأن المانع من الإيتاء: إما فوقه فهو القسم الثالث، أو دونه فهو القسم الأول، أو مثله فهذا القسم الثاني.
ثم المناسب أن يُجعل التعريف في الحمد للاستغراق لا للجنس كما قال؛ لأن موجبه مستغرقٌ للمراتب كلها. وسورة الإخلاص واردة على هذا التقسيم فليحذُ حذوها.
قوله:(إذا أفصح الغلام)، الأساس: أفصح الصبي في منطقه: فهم ما يقول في أول