للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)].

أي: كانت على صفة العقر حين أنا شاب وكهل، فما رزقت الولد؛ لاختلال أحد السببين، أفحين اختل السببان جميعا أرزقه؟ ! فإن قلت: لم طلب أولا وهو وامرأته على صفة العتىّ والعقر، فلما أسعف بطلبته استبعدوا واستعجب؟ قلت: ليجاب بما أجيب به، فيزداد المؤمنون إيقانا، ويرتدع المبطلون، وإلا فمعتقد زكريا أولا وآخرا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (قلتُ: ليُجاب بما أجيب به)، قال صاحب "الانتصاف": لا يجوز لنبي النطقُ بما لا يسوغُ لطلب مثل ذلك، أي: لتثبيت المؤمن وردِّ المبطل، إذ يمكن حصوله بدونه، فإن زكريا طلب ولداً على الجملة، وليس في الآية ما يدل على أنه لا يوجد وهو هرمٌ، ولا أنه من زوجته وهي عاقرٌ، ولا أنه تعادُ إليهما قوتهما وشبابهما، كما فُعل بغيرهما، أوي كون الولد من غير زوجه العاقر، فاستخبر عن ذلك، فقيل له: (كَذَلِكَ)، أي: يكون الولد وأنتما كذلك.

قلت: وخلاصته أن الاستفهام في الآية ليس للتعجب والاستبعاد، ولهذا قال الإمام: إن المقصود من قوله: (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ) هو التعجب منأنه تعالى يجعلهما شابين ثم يرزقهما الولد أو يتركهما شيخين ويرزقهما الولد، والدليل عليه قوله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) [الأنبياء: ٩٠]، وما هذا الإصلاح إلا أنه أعاد إليها قوة الولادة، أو انه ما ذكر ذلك للشكن لكن لتعيم القدرة، وهذا كالرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>