أو شيء يسترها، وكان موضعها المسجد، فإذا حاضت تحوّلت إلى بيت خالتها، فإذا طهرت عادت إلى المسجد، فبينما هي في مغتسلها أتاها الملك في صورة آدمى شاب أمرد وضيء الوجه جعد الشعر (سويا) سوىّ الخلق، لم ينتقص من الصورة الآدمية شيئا. أو: حسن الصورة مستوى الخلق، وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتستأنس؛ بكلامه ولا تنفر عنه، ولو بدا لها في الصورة الملكية لنفرت ولم تقدر على استماع كلامه. ودلّ على عفافها وورعها أنها تعوّذت بالله من تلك الصورة الجميلة الفائقة الحسن، وكان تمثيله على تلك الصفة ابتلاء لها وسبرا لعفتها. وقيل: كانت في منزل زوج أختها زكريا ولها محراب على حدة تسكنه، وكان زكريا إذا خرج أغلق عليها الباب، فتمنت أن تجد خلوة في الجبل لتفلي رأسها، فانفجر السقف لها، فخرجت فجلست في المشرفة وراء الجبل، فأتاها الملك.
وقيل: قام بين يديها في صورة ترب لها، اسمه يوسف من خدم بيت المقدس. وقيل: إنّ النصارى اتخذت المشرق قبلة؛
قوله:((سَوِيّاً) سوى الخلق)، الراغب: السوي يقالُ: فيما يُصان عن الإفراط والتفريط من حيث القدرُ الكيفية، قال تعالى:(مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ)[طه: ١٣٥]، ورجلٌ سويٌّ: استوت أخلاقه وخلقته عن الإفراط والتفريط.
قوله:(وسبراً لعفتها)، المُغرب: سبر الجرح بالمسبار: قدر غوره بحديدة أو غيرها.
قوله:(زوج أختها) قيل: الصواب: خالتها، وقد سبق في آل عمران تحقيقه.
قوله:(لتفلي رأسها). الأساس: فليت رأسي واستفليته واستفليت رأسي: طلبتُ أن يُفلي. ومن المجاز: فليتُ الشعر: تدبرته عن معاينة. الجوهري: فليت رأسه من القمل.
قله:(في صورة تربٍ لها)، الجوهري: قولهم: هذه تربُ هذه، أي: لدتها، وهُنَّ أترابٌ.